Saturday, September 13, 2025

اكتشف قطر – كعبة المضيوم


أبشر بعزك يا بو حمد، حِنّا بخير وديـرة العـز في خـير، قطرنا تصعب على من بغاها، حِنّا شعـبٍ ما يهاب المقـادير، إن ما دفعنا الروح فدوة ثراها، نفنى وتبقى دارنـا شامخه في ظل قائدها تميم.

بلادي قطر صغيرة بحجمها، كبيرة بحكمتها وسيادتها، عملاقة بأميرها وشعبها. استثمرت في أبنائها، ليرفعوا اسمها وعلمها عالي في مختلف المجالات والمحافل محلياً وعالمياً. قطر كعبة المضيوم آمنة مستقرة، توفر أرقى سبل الحياة الكريمة لشعبها وللمقيمين على أرضها. قوّت اقتصادها محلياً وخارجياً ونوّعت من استثماراتها. بنت شراكات دفاعية وعززت التعاون العسكري مع دول مختلفة. تُعد وسيط وحليف مشرّف في قضايا الأمة العربية والإسلامية، وخير من يُمثلها في مجلس الأمن الدولي. أفشلت حصار غزة ونقلت صوت الفلسطينيين للعالم. كذّبت رواية الاحتلال وفضحت جرائمه.

الوساطة لحل النزاع ليست جريمة .. الجريمة هي قصفها

على مر التاريخ واجهت قطر العديد من الأزمات والتحديات لتوجهاتها السياسية ومواقفها الإنسانية، أخرها أحداث 9/9 وأحداث 23/6 وحصار 5/6. أحداث شاهدة أننا نسير بخطى ثابتة على الطريق الصحيح، وزادتنا تلاحماً وإيماناً. وأن ما أصابنا من خير وشر لم يكن ليُخطئنا، وما أخطأنا لم يكن ليُصيبنا. موقفنا أصيل وثابت ما يتغير، متمسكين بعاداتنا وتقاليدنا القطرية، وبمبادئ وقيم إسلامية أخوية نبيلة لن نتنازل عنها. نرعى الحقوق ونصون العهود، نغيث المحتاج وننصر المظلوم، نرعى حق الجوار ونكرم الضيف. وصاية الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني: {أوصيكم بالثبات على الحق والاستقامة على طريقه مهما تبدلت الأيام والأحوال}. وحديث رسولنا الكريم: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك".


لن تنتهي فصول هذا الاعتداء الإرهابي غير الإنساني الخارق للقوانين والأعراف الدولية على بلادنا والمُهدد لاستقرار وأمن المنطقة. ما يجري ليس اعتداءً على قطر وحدها، بل إنذار لكل الدول. وقطر لن تكتفي بالإدانات الشكلية، نرفض أن يبقى العالم متفرجاً مستنكراً، على المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية. إيماناً ويقيناً لقوله تعالى ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴾. متحدين حول قيادتنا الحكيمة الرشيدة، معتصمين بحبل الله متوكلين عليه.
لحكومتنا الرشيدة مبادرات إنسانية فعّالة حول العالم. أهمها حق التعليم للجميع وتوفير بيئة تعليمية آمنة خالية من العنف والتمييز، تكفله المواثيق الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان، وتعززه القوانين الوطنية. يُمكن للتعليم أن يكون لبنة أساسية في بناء السلام والتنمية المستدامة. وأداة فعّالة ومؤثرة لإحداث التحولات الإيجابية في المجتمعات، ومد جسور التواصل بين الشعوب والثقافات وكسر القوالب النمطية. والهجمات حصلت في اليوم الدولي لحماية التعليم من الهجمات، وحق التعليم للجميع غير قابل للتفاوض. أطلقت إسرائيل صواريخها لتقع في منطقة سكنية بها 6 مدارس ورياض أطفال. حدثت الهجمات وغزة بلا بيئة ومرافق تعليمية للعام الثالث على التوالي.
فكنا فوق ما ظنّوا ولو أنّ الزمان أبى .. وأمسكنا العلا لمّا سوانا أفلتَ السببا .. أليستْ غزةٌ وجعاً ويقطر عزّها عتبا .. فلما لم يُجب أحدٌ وظنّ السوء من عَتِبا .. إذا بابن الفُجاءة قدْ مضى يتصدّرُ العَربَا .. يبشّر كلّ مَكرُمةٍ بأن الخير ما نضبا ألسنا كعبة المضيوم للمجد اليتيم أبا. - سعادة السيدة لولوة بنت راشد الخاطر، وزيرة التربية والتعليم والتعليم العالي.


آخر البيالة: أنسقط ونحن نستند يومياً على إياك نعبد وإياك نستعين. لا خوف ونحن في معيّتك وتحفنا رعايتك يا جبار. بك نتوكل وبك نستعين عندما تفتر عزائمنا. اللهم يا من بيده الأمر كله، احفظ لنا قطر وأميرها وشعبها وسائر بلاد المسلمين واجعلها في أمانك من كل مكروه وسوء. وبارك لنا في أمنها وأمانها ورخائها وسلامتها، وأدمها حصناً منيعاً لا يُخترق، وأرضاً مباركة لا تُنتهك، وجنةً من السلام والسكينة لا تنطفئ. اللهم اجعل بلادنا منارةً للخير، وواحةً للأمن، وسراجاً يُضيء درب كل من يلجأ إليها. اللهم ثبّت قلوبنا على الحق واجمع كلمتنا على الحق، وارزق قادتنا وولاة أمرنا الحكمة والسداد، يا أرحم الراحمين.

Sunday, September 7, 2025

وقعت في قلبي آية ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾

نزلت الآية وغيرها من الآيات القرآنية في مدح الله تعالى خُلُق نبيه صلى الله عليه وسلم. لذلك أمر الله المسلمين باتخاذه قدوة حسنة، في كتابه المبين: ﴿لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ﴾. جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين تقوى الله التي وجبت له محبة الله، وحسن خُلقه التي أكسبته محبة أمته. "كان خُلُقُه القُرآنَ" كما وصفته السيدة عائشة رضي الله عنها.

مكارم الأخلاق رسالة الأنبياء من سيدنا آدم إلى خاتم الأنبياء محمد. وجاءت الدعوة الإسلامية لتُكمل ما جاء في الشرائع السماوية السابقة، لقوله عليه الصلاة والسلام: (إنما بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مكارمَ الأخلاقِ). وتنشق مكارم الأخلاق إلى شقين:

أولها حسن الخلق في معاملة الله رب العالمين. هي انعكاس لكمال العبودية لله، وعلى المؤمن أن يصدق رسالة الله ويقبل على عبادته وطاعته بقلب مطمئن ونفس قنوعة. يتقي الله ويرضى بقدره بصبر واطمئنان. كما ورد في الحديث الشريف: "أحب عباد الله إلى الله أحسنهم خلقاً".

ازرع القيم فتحفظ الأمم مكانتها .. نقيم حياة على قيم نبينا وديننا

ثانياً: حسن الخلق مع الناس. مكارم الأخلاق ليست مظهر اجتماعي، هي قيم راسخة تبني مجتمعاً متراحماً ومترابطاً. وجوهر الإنسان وبوصلته الداخلية التي تقوده لتشكيل شخصيته وعلاقاته بنفسه وبالمجتمع. تتجلى في أفعالنا اليومية، برّ الوالدين وصلة الرحم، حُسن التعامل واحترام الجوار، الأمانة والإخلاص في العبادة والعلم والعمل، الصدق بالوعود والنصيحة الطيبة، إماطة الأذى وغيرها.

حياة بسيطة في ماديتها، غنية في معناها، جميلة في أثرها. فالحياة ليست فيما نملك، بل فيما نكون. اهتم بالتفاصيل الصغيرة لأنها تترك أثراً عميقاً في نفسك ونفوس الناس. كم هي جميلة معاني هذه الآية: ﴿لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ ۖ﴾. فالإنفاق ليس مادي فقط، فما تقدمه لدينك ووطنك وللناس عائد لك في الدنيا والآخرة: ابتسامة صادقة، تحية حانية، دعاء عن ظهر غيب، عبارات شكر وتقدير وتشجيع، قضاء حوائج الناس. الكلمة الطيبة لها أثر، الاعتذار له قيمة، العناق طمأنينة، النصيحة أدب، التغاضي عن الأخطاء وعيّ، مراعاة المشاعر وجبر الخواطر نُبل. لا تملك إلا سعيك لا سعي الغير. ما عندنا ينفذ وما عند الله باق. تعاملك مع الآخرين يؤثر على شخصيتك أكثر منهم. قال رسول الله (وخير الناس أنفعهم للناس). فشكراً من القلب لكل شخص يجعل الحياة ألطف بكلماته الجميلة ومشاعره الصادقة، أفعاله البسيطة وبمبادراته اللا متوقعة.

اجعل في حياتك بصمة لا يوثقها حبر القلم بقدر ما يوثقها بحر من الأخلاق والقيم

خدمة الوطن والدين بأمانة وإخلاص وصدق اقتداءاً بحديث قالَ رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ الله يحب إذا عمل أحدكم عملًا أن يتقنه). فالوطنية ليست شعارات نتغنى بها، بل بالجد والاجتهاد في القيام بمسؤوليتنا وواجباتنا لنهضة الوطن وريادته والدفاع عنه والحفاظ على استدامته. والدفاع عن الدين الإسلامي ونشره، ونكون خير أمة أخرجت للناس، نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر، وتصحيح المفاهيم المغلوطة عنه بالحكمة والعمل الصالح والمعاملة الحسنة والأخلاق الحميدة. أن نكون خير سفراء للوطن وللدين، نمثلهم خير تمثيل أينما نحل.

الخلق الحسن في التحاور والنقاش والتفاعل في وسائل التواصل الاجتماعي. احترم وجهات النظر، فالاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية، كما قال الإمام الشافعي رحمه الله: ألا يستقيم أن نكون إخواناً وإن لم نتفق في مسألة؟!.

دائماً أضع القاعدة الربانية في الأخلاق الاجتماعية نصب عيني: المعاملة ليست بالمثل أبداً. عامل الناس بأخلاقك لا بأخلاقهم. عاملهم بما تحب أن تراه يوم القيامة لا بما يستحقون في الدنيا. إن أحسنت لمن أحسن إليّ فأنا البر الوفي. وإن أحسنت لمن لم يُحسن إليّ فأنا الكريم الخفي. وإن أحسنت لمن أساء إليّ فأنا المؤمن الصفي. قال أبو هريرة رضي اللّه عنه: وما حسن الخلق يا رسول الله؟ قال: (تصل مَن قطعك، وتعفو عمن ظلمك، وتُعطي من حرمك). وإياك أن تحسد أحد على نعم الدنيا وارضى بنصيبك منها. واطمئن فالله أقسم بيننا معيشتنا في الحياة الدنيا، فتوكلت عليه وفوضت أمري إليه.

أتمنى أن نستبدل المقولة الشهيرة: "للجدران أذان" بالمقولة الصحيحة: "للملائكة أقلام"، لأصبحنا نُراقب الله عز وجل ولا نُراقب الناس. فخصوصيتهم خط أحمر، واحترامها من أهم مبادئ الأخلاق وحسن التعامل. وستقل الكثير من الخلافات والمشاكل إذا تعلم الناس الحديث مع بعضهم البعض أكثر من الحديث عن بعضهم البعض. قال الله تعالى ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾. بلسانك ترتقي، وتترك أثراً طيباً في قلوبهم في وجودك وفي غيابك. اعتق لسانك عن الناس ليعتقك الله من الابتلاء.

كم يحزنني أن تنتشر الغيبة والنميمة في مجتمعاتنا كالنار في الهشيم دون التحقق من صدقها. فتُصبح الأخطاء والعيوب حديث المجالس، والتشمت بما أصابهم ترند على وسائل التواصل الاجتماعي. قل خيراً أو اصمت، فعيوب الناس ومصائبهم تطوى ولا تروى. تذكّروا الدنيا دوّارة، فمن حسن إسلامك تركك ما لا يعنيك، ومن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة. قال رسول الله: (من تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف بيته). جاهد طباعك وأدب غريزتك، وانصحهم بالسر. فليس بينك وبين المبتلى سوى رحمة الله وستره. قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ﴾ هذا فيمَن أحبها، فكيف بِمَن أشاعها؟

والمرء بالأخلاق يسمو ذكره وبها يفضل في الورى ويُوقر

آخر البيالة: أناقتك الحقيقية ليست في فخامة ملابسك وممتلكاتك وإنجازاتك. هي قلبك الصافي، وكلامك الطيب، وعقلك الواعي، وابتسامتك الراقية، وروحك المتواضعة. ابحث عن أناقة أخلاقك في قولك وفِعلك وتعاملك، قبل مظهرك. فهي مرآة لا تخدع ولا تجامل، وهي زينة لا تشيخ، وتبقى بعد زوال المظاهر كلها.