Monday, April 7, 2025

وقعت في قلبي آية - الجهاد


 ﴿وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾

 تحث الآية الكريمة المؤمنين كافة على الجهاد في سبيل الله ونصرة دينه بالأموال والأنفس. وما أحوجنا في هذا الزمن في الجهاد لنصرة الدين الإسلامي وإخواننا المسلمين المستضعفين، وفي مقدمتهم فلسطين.

أول آية نزلت في الجهاد آية الحج ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ وهي مكية فكان القتال إذنًا. وسبب نزولها أن المشركين كانوا يؤذون المسلمين وأخرجوهم من مكّة بغير حق. وكان المسلمون يأتون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مجروحين ويشكون من ذلك. فيقول لهم: "عليكم بالصبر فإنّي لم أؤمر بعد بالقتال".

ثم فرض الجهاد في السنة الثانية من الهجرة لوجوب الدفاع ورد اعتداءات المعتدين عن المؤمنين، ولرفع كلمة الحق والدين، وعدم الاعتداء على من لم يقاتل والنساء والأطفال، لقوله تعالى: ﴿وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ الله الذين يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَ اللَهَ لَا يُحِبُ الْمُعْتَدِينَ. والجهاد تكليف إلهي، ورد لفظه في واحد وأربعين موضعاً في القرآن الكريم، منها سبعة وعشرين موضعاً بصيغة الفعل، وورد بصيغة الاسم في أربعة عشر موضعاً. ومن أهم أسباب تشريع الجهاد في الإسلام امتحان المؤمنين ومعرفة المجاهدين منهم والصابرين لقوله الله تعالى: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمْ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ﴾.

لقد عانت فلسطين (قطاع غزة بالذات) من تبعات الحروب المتتالية عليها، وكانت لهذه الحروب نتائج كارثية على جميع المستويات. قال الله تعالى في كتابه الكريم ﴿وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا﴾ دلّت هذه الآية على وجوب الجهاد، لأنّ موجبات الحرب قد توفرت بسبب معاناة المستضعفين الفلسطينيين على أيدي الظالمين الصهيونيين. جريمة إنسانية وإبادة جماعية، وخرقاً للقانون الدولي ومبادئ حقوق الإنسان.

عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى". كيف يمكننا نحن كأفراد مسلمين الجهاد لنصرة أهل غزة والفلسطينيين الأبطال ودعمهم بكل ما تيسّرت السبل مادياً ومعنوياً. وأذكر منها:

-       الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي: أصبح الهاتف النقّال أسهل وأسرع طريقة لمعرفة أخر الأخبار. عرّف العالم حجم المأساة في فلسطين والمعاناة التي يعيشها الشعب الفلسطيني، والأكاذيب التي ينشرها الإعلام الصهيوني.

إن أسهل جهاد يمكننا المشاركة فيه هو توظيف وسائل التواصل الاجتماعي والإعلامي وإطلاق حملات التوعية والتثقيفية بالقضية الفلسطينيّة، وبيان واقع الحياة في فلسطين وحجم المعاناة التي يعيشونها. والتعبير عن التضامن مع الشعب الفلسطيني ودعمهم.

 

-       الحرب الاقتصادية: مقاطعة المنتجات الإسرائيلية والشركات التي تدعم إسرائيل، ودعم المنتجات الفلسطينية والشركات التي تدعم القضية الفلسطينية. باتت المقاطعة ثقافة وعي وأسلوب حياة جميل ومريح. وظهرت نتيجة هذه المقاطعة جليّاً في التأثير سلباً على الشركات الصهيونية والداعمين لها، وإيجاباً على المنتجات المحلية والفلسطينية الأفضل بالجودة والسعر، لذا وجب علينا الاستمرار في المقاطعة وبقوّة.

 

-       التبرع المادي والتطوع في الحملات الإغاثية في فلسطين من خلال المنظمات الموثوقة والجمعيات الخيرية الرسمية. وجوانب الصدقات كثيرة ومتنوعة لتلبية الاحتياجات الإنسانية الأساسية العاجلة في مجالات الأمن الغذائي والصحّي لتوفير حياة كريمة لهم والتخفيف من معاناتهم، والسعي في نشر هذه المجالات عبر منصات التواصل الاجتماعي.

 

-       الدعاء لهم بالنصرِ والثبات والتخفيف من معاناتهم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الدعاء سلاح المؤمن وعماد الدين ونور السماوات والأرض". وقال السميع المجيب في كتابه: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ. فلنخصص أدعيتنا في دبر كل صلاة لفلسطين وأهلها.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرّج عن مسلم كربة فرّج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة". لقد ذكرت الأساليب الأشهر في دعم الفلسطينيين ونصرتهم، وكل فرد منّا قادر على الإبداع والابتكار في طرق وأساليب دعم القضية الفلسطينية ونصرة إخواننا المسلمين. وكلّ شخص على حسب مقدرته واستطاعته، قال اللطيف الرحيم: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ،  لا يكلّف أحداً فوق طاقته، وهذا من لطفه تعالى بخلقه ورأفته بهم وإحسانه إليهم. وقال العليم ﴿وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ، أي لا يجدون سبيلاً إلى إيجاد ما يتصدقون به إلا مالهم وطاقتهم.

آخر الاستكانة: إن دعم سمو الأمير المفدى الشيخ تميم بن حمد آل ثاني مثال يحتذى به. واقتبس من كلمته: في كل عام أقف على هذا المنبر وأبدأ كلمتي بالحديث عن قضية فلسطين، وغياب العدالة ومخاطر الاعتقاد أنه يمكن تجاهلها، وأوهام السلام من دون حلها حلًا عادلا. فعلتُ ذلك كلَّ عام في الوقت الذي باتت فيه قضية فلسطين تغيب عن خطابات ممثلي قوى رئيسية في عالمنا، وعدم التدخل لوقف العدوان هو فضيحة كبرى

إن ما يتعرض له الشعب الفلسطيني في قطاع غزة اليوم من عدوان سافر هو الأشد همجية وبشاعة والأكثر انتهاكًا للقيم الإنسانية والمواثيق والأعراف الدولية. ليست هذه حربًا بمفهوم الحرب المعروف والمتداول في العلاقات الدولية، بل هي جريمة إبادة بأحدث الأسلحة لشعب محاصر في معسكر اعتقال لا مهرب فيه من وابل القنابل الذي تلقيه الطائرات. لقد استُنفذت القرارات والإدانات والتقارير، ولم يبق سوى الجريمة العارية المتواصلة مع سبق الإصرار، ومن دون روادع، وضحاياها من الأطفال والنساء وكبار السن. نحن نعارض العنف والتعرض للمدنيين الأبرياء.

3 comments:

  1. احسنت،و بارك الله فيك، وجزاك الله خير على المقاله الرائعه

    ReplyDelete
  2. كلام رائع الله يجزاكي خير

    ReplyDelete
  3. أصبتي في كلامك. وجزاك الله خير. مستمرون ان شاء الله في نصرة القضية

    ReplyDelete