كل عام يجمعنا شهر الخير على المحبة والمودة
والتراحم والبر والإحسان، نغرف من منهل الإيمان لنجدد روحانياتنا ونمد جسور
التواصل مع الأهل والأصحاب، نغتنم الشهر الفضيل لتزكية النفس ومحاسبتها والسمو بها عن السيئات
والآثام ، فيدخل قدومه البهجة على قلوبنا ونعيش فيه أجواء إيمانية، نملأ طياته بتلاوة القرآن والقيام والطاعات
والتوبة إلى الله، والإكثار من الأعمال الصالحة من مد يد العون للفقراء والمساكين
والأسر المتعففة والعمال.
حيث تسابقت المؤسسات الخيرية في إطلاق المشاريع الرمضانية المتميزة والمتجددة أهمها إفطار
صائم وإفطار الطريق وإفطار المهتدين، زكاة الفطر وهدية العيد، مشروع بيت الطعام
القطري وسلة الخير الرمضانية، مشروع الإتقان في رمضان، وفعالية رتل وارتق وبرنامج
هذه أمنيتي. إلى جانب استضافة العديد من المشايخ والفقهاء وعلماء الدين في الندوات
والمحاضرات في شتى المجالات التي تمس احتياجات وهموم الشارع العام من أجل توعيته وتثقيفه ومشاركته
همومه ومشاكله والتوصل إلى كيفية حلها، بالإضافة إلى تنظيم العديد من المحاضرات الصحية والخدمات الطبية في
عدد من المساجد عقب صلاة التراويح.
وتحرص هذه المؤسسات على الانتشار في أكثر من موقع
للتواصل مع الجمهور فهناك الوسائل التعريفية والإعلانية التقليدية والرسائل
النصية، إضافةً إلى البرامج الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي والتي تشجع على
دعم مشاريعها وحملاتها (كخدمة التبرع والزكاة والفتاوى والامساكية ومصحف قطر
الإلكتروني وغيرها)، كما تذكر بمواعيد البرامج الثقافية والتوعوية والأنشطة
والفعاليات الرمضانية الترفيهية وتنشر تقارير وصور عن ماتم إنجازه. وأتمنى أن تحرص
المؤسسات الخيرية على تقوية وتنمية علاقتها بالمتبرعين على أن لا تقتصر على
قيمة تبرعاته وكيفية تحصليها وإنما تراعي فيها كيفية إشباع حاجاته ودوافعه الخيرية النبيلة، بالإضافة إلى الاهتمام
بالمقرئين والمؤذنين القطريين وتشجيعهم.
كما لمسنا من الهيئات والمؤسسات في القطاعين
الحكومي والخاص التسارع والتفنن في إبتكار المشاريع والبرامج التنموية المتجددة والمساهمة
في دعم وتنمية المجتمع ونشر ثقافة العمل المنتج والعمل التطوعي، كما تسعى لخلق شراكات
اقتصادية لخدمة الوطن والمواطن، وتوظيف وتأهيل الطاقات المجتمعية ولدعم منظومة
القيم وتعزيز الأخلاق ومواكبة التحديات الراهنة، فباتت مسؤوليتها الاجتماعية واجباً والتزاماً
تجاه المجتمع. وانطلاقاً من التزامهم بالمسؤولية الاجتماعية،
قامت عدد من الشركات والمؤسسات خلال شهر رمضان بزيارة المرضى وكبار السن سعياً إلى
التخفيف من معاناتهم ومساندتهم وبث الأمل في نفوسهم بالإضافة إلى إثراء روح المودة
والمحبة والخير في المجتمع.
كما أود أن أشكر جميع
القائمين على الحملات والمبادرات التي تم إطلاقها خلال هذا العام وخصوصاً خلال
الشهر الفضيل سواء بمادرة شخصية أو من قبل مؤسسة عامة والحرص على دعمها وانتشارها
بين جميع فئات المجتمع، وأود أن أذكر أهمها: ركاز لتعزيز
الأخلاق، مبادرة كن التغيير ومبادرة ذخر، مبادرة رد الدين لبر الوالدين حملة غرفة
للأمل والخير، مبادرة مجتمع بلا حوادث وحملة انتبه، حملة أشرقي وحملة رفاق، حملة الدين
النصيحة وحملة والله عيب، حملة تراحم وحملة الغارمين وحملة للعمال تحية، حملة فرح
صايم وحملة عيدهم كشخة.
ولقد أعجبتني البرامج التلفزيونية والاذاعية
المتجددة، أهمها برنامج خواطر المتجدد كل عام، برنامج بيني وبينكم، برنامج مسافر
مع القرآن، برنامج نفحات رمضان، برنامج تراويح، البرامج الهادفة والموجهة للأطفال
ومنها: كان يامكان، قصص الحيوان في القرآن، أولاد وبنات، بعد التراويح، تيجان
النور، حكايات العم مصلح وغيرها.
فلنقطف ثمار استثمارنا لهذا الشهر الفضيل باكتساب
وترسيخ عادات وأخلاقيات حسنة في أنفسنا وأهلنا ومجتمعنا، ليكن نقطة محاسبة وتقويم
وأرضية خصبة للتغيير للأفضل. وكما قال عبدالرحمن الحرمي في مقاله عن تبادل أطباق
الطعام قبل الإفطار: (أليست طريقة رائعة في التعبير عن الحب والتواصل؟ إنها
الأطباق الطائرة التي قد لا تتجه الى البيوت فقط بل قد تتجه الى باحات المساجد
لتجد من يتلقفها من الفقراء والمساكين وعابري السبيل، يشبعون بها جوعهم ويروون
ظمأهم). فشهر رمضان تحلو فيه المشاركة، فلنتشارك رمضاننا مع من يحتاجنا فعلاً.
أخر البيالة: بالأمس كنّا نقول يامرحبا
زين الشهور .. أهلاً رمضان .. والآن نقول رمضانُ مهلاً ما أسرعَ خُطاك .. تأتي على
شوقٍ وتمضي على عجل ..