إنه لواقع مرير أن يبحث المواطن القطري لأبنائه على مقاعد شاغرة في مدرسة، سواء مستقلة أو خاصة، وذلك لتضاعف الكثافة الطلابية في جميع المراحل الدراسية، مع قلة المدارس المتوفرة، وارتفاع أسعارها مقابل تدني مستوى التعليم وجودته.
يسعى كل مواطن أن يسجل أبنائه في مدرسة ذات مستوى تعليمي متميز، وأن تكون ضمن النطاق الجغرافي لمنزله أو جهة عمله لما يواجهه من اختناقات مرورية يومية. حيث تبدأ معاناة الوالدين في البحث عن المدرسة المناسبة والتسجيل فيها ودفع الرسوم إلى جانب الامتحانات وغيرها، وبعد طول الانتظار تأتيك مكالمة هاتفية تخبرك بأن ابنك في قائمة الانتظار لعدم وجود شاغر. فيضطر للبحث مجدداً (إن لم يكن لديه خطة بديلة مسبقة) أو أن يسجل أبنائه في مدارس بعيدة وفي بعض الأحيان في عدة مدارس مما يلحق على الجميع الضغط والاجهاد النفسي والجسدي. ناهيك التكاليف الباهظة ابتداءً من رسوم التسجيل وحجز مقعد إلى مبالغ الحفلات المدرسية المبالغ فيها.
وبعد عناء رحلة التسجيل والقبول، للأسف باتت مخرجات التعليم في تدني وهوية الطالب في ضياع، لأن العملية التعليمية حقل تجارب ويتم توظيف الموارد البشرية والمالية في غير محلها. فمن جشع الكثير من المدارس خصوصاُ الخاصة، يتم تكديس أعداد طلاب في الصف الواحد، ويتم تعيين مدرسيين غير كفء أكاديمياً وتربوياً لتقليص التكاليف مما يؤثر سلباً على عملية تحصيل الطالب التعليمية ومتابعة المدرس للقدرات الفردية المتباينة لكل طالب على حده.
لابد التركيز على اللغة العربية ومنهج الشريعة الإسلامية كما كان بالسابق، إلى جانب العلوم واللغات، كما يجب أن ترجع حصص اللياقة البدنية والتدبير المنزلي ويضاف إليها الصحة والتغذية والاسعافات الأولية. وأن يتم تخصيص حصة للقراءة والاطلاع لتوطيد العلاقة بين الطلاب والكتاب، وأن يتم تعليم الطالب أساليب الحوار والمناظرة والمناقشة لتشجيعهم على الابداع والابتكار وتوسيع مداركهم والقدرة على التنافس الشريف والعمل الجماعي.
والكثير من المدارس استبدلت الكتاب الورقي بالتعليم الإلكتروني عن طريق الأجهزة الإلكترونية، إلا أنني أرى أنه من الضروري عدم تهميش الكتاب الورقي والحل باستخدام القلم لما لهذه الطريقة فوائد جمة للطالب، ولما للأجهزة الإلكترونية من مضار كبيرة على العيون. وسيتعود الطالب على الطباعة الإلكترونية وسيجهل كيفية إمساك القلم ومهارات الكتابة وأساليبه الخطية، وسيتلاشى الخط العربي الجميل بأنواعه. سيجهل الطالب إتمام أبسط العمليات الحسابية لاعتماده على الألة الحاسبة.
وأرى أنه من غير الضروري إثقال كاهل الأطفال في المرحلة الابتدائية بالواجبات المدرسية، على أن تكون أساليب التعليم في مراحل رياض الأطفال والسنوات أولى من المرحلة الابتدائية مبنية على الإدراك الحسي والذهني والنشاط التفاعلي.
أخر البيالة: إلى متى سيضطر أولياء الأمور سنوياً في البحث عن مقعد شاغر لأبنائه وتسجيلهم في أكبر عدد ممكن من المدارس والتكبد بدفع رسوم مكلفة، لأنه ليس من السهل تأمين مقعد دراسي.