تحت شعار
أبشروا بالعز والخير، تلاحم المواطنون والمقيمون في مواجهة أزمة الحصار. أكرمنا الله
بأمير يحبنا ونحبه، نفخر به كما افتخر بنا. بشّرنا بالعز والخير، فتحولت أزمة
الحصار إلى وحدة وولاء وتعاضد وانتماء. حولّنا ما وهبنا الله من قدرات وكفاءات إلى
إنجازات، واستثمرنا مواردنا لتصبح إنتاج، لندفع من عجلة التنمية نحو التقدم
والازدهار.
ولكن للأسف
انتهك الحصار تعاليم الدين الإسلامي وكافة المواثيق والأعراف الدولية لحقوق
الإنسان. أهمها انتهاك
لحق الأسرة في قطع الأرحام وعدم القدرة على التواصل مع الأهل. مُنعنا من زيارة بيت
الله الحرام، مما يعد انتهاكاً في ممارسة الشعائر الدينية. هذا إلى جانب انتهاك حق
التعليم للعديد من الطلاب وحرمانهم من متابعة دراستهم، وانتهاك حق الملكية الخاصة
وخسارة الأموال، وأخيراً محاولة ضرب اقتصاد الدولة. ولا يسعنا إلا أن نتخذ من
الآية الكريمة شفيعاً (وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا
يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ) آل عمران.
نجح الشيخ تميم في إدارة الأزمة ولانت
أمامه الصعاب، اجتمعنا حول قيادته الرشيدة وسرنا على خطاه وتوجيهاته، فزاد ترابطنا
وتلاحمنا. ونبع لدينا الحماس وروح التكافل والتضحية والعمل من أجل رفعة الوطن. وسارعت
الشركات القطرية في اتخاذ خطوات هامة في ضخ
استثمارات كبيرة في قطاعات حيوية، وتمكنت من تقديم منتجات ذات جودة عالية فاقت ما
كان يستورد من دول الحصار. استطاعت الدولة من زيادة نسبة الاكتفاء الذاتي بما تنتجه
وتتجه لتصديره إلى الخارج مما جذب الاستثمارات الخارجية.
وإنه لمن
المهم في هذه المرحلة، الحوار مع الأبناء جيل النشء، وزيادة الوعي لديهم عن تاريخ
مجلس التعاون الخليجي وتاريخ الأجداد ومامروا به من أحداث. وترسيخ معاني الوطنية والولاء.
وعلى الرغم من الخلاف الحاصل، إلا أننا مستمرون على نهج الترابط والتكاتف والوحدة
بين الدول وتنمية روح الأخوة والمحبة والتكاتف بين أبناء الخليج، دون التنازل عن
الثوابت القطرية الراسخة والدعوة إلى الحوار الهادئ والخطاب المتوازن بحكمة
وعقلانية، اقتداءاً بالآية الكريمة (وَاعْتَصِمُوا
بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ
عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم
بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ على شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ
فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ۗ كذلك يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ
تَهْتَدُونَ) آل عمران.
ويجب علينا
كأولياء أمور تشجيع أبناءنا لاكتشاف مكامن قوتهم وإرادتهم وعزيمتهم ومواهبهم، وقدرتهم
في مواصلة مسيرة بناء الوطن والحفاظ على سيادته ووحدته، والثقة بجودة المنتج
القطري في تحقيق الاستقلال الاقتصادي وتنويع مصادر الدخل. وأن يعلموا بحقهم في
حرية التعبير عن رأيهم ومناقشة القضايا والمواقف وفق مبادئ وقيم وأعراف. والاجتهاد
والإبداع في التعليم والعمل مما يسهم في تنمية الموارد البشرية والمبادرات
البنّاءة التي تخدم المجتمع، وعدم الخوف من التجربة والفشل، لأنها في النهاية ستولد
النجاح.
إن الموروث
القطري ثري بالقيم النبيلة والثقافة العريقة والأعمال الفلكلورية والحرف التقليدية
والفنون التراثية. مما أعطى فعاليات اليوم الوطني طابع الأصالة والتاريخ. وهنا
يأتي دور أولياء الأمور لانتهاز فرصة الفعاليات الوطنية للتحدث مع الأبناء عن الهوية
الوطنية والارتقاء بالوعي الوطني وتعزيز الانتماء والولاء عبر ربطهم بمبادئ الأجداد
وإنجازاتهم والحفاظ على الموروث القطري والسعي لبناء مستقبلٍ واعدٍ للدولة.
فكل عام أحرص
على تخصيص يوم كامل على الأقل في درب الساعي، الفريج التراثي الذي يجمع بين ماضي
قطر وحاضرها. تنوعت به الفعاليات التراثية التي عرّفت أبناءنا عن حياة أجدادنا البرية
والبحرية وسبل تنقلهم والحرف اليدوية التي أعانتهم على العيش. كما شمل على عددٍ من
المؤسسات الحكومية والخاصة ليعطي مجال للشباب للاطلاع على حاضر الدولة وكيفية
صناعة مستقبل زاهر، والسعي إلى الحفاظ على بيئة قطر البرية والبحرية وتنمية ثرواتها
البشرية والاقتصادية والحيوانية.
وقد كان
لجناح مؤسسة قطر نصيب الأسد من زيارتنا لدرب الساعي، ذلك لما تمتع به من فعاليات
مشوقة وأنشطة تعليمية بأسلوب ترفيهي عملي. فقد استمتع أبنائي بعمل عدد من التجارب
العلمية واكتشاف كيفية زراعة النباتات المنزلية وطرق الحفاظ عليها واستخدامها في إعداد
الأطعمة والمشروبات الصحية. كما شاركوا في قراءة القصص ومسابقات البحث عن الكلمات
وتكوينها. كما استمعوا للشرح الذي قدمه لهم أخي خالد، أحد حكام برنامج نجوم العلوم،
عن أهم الاختراعات التي عُرضت في البرنامج منذ انطلاق موسمه الأول.
وللسنة
الثانية على التوالي لم تتح لنا الفرصة لزيارة مهرجان كتارا للمحامل التقليدية
الذي ضم فعاليات تراثية وملاحم بحرية تحاكي ظروف وتفاصيل عالم المحامل وتساهم في
إحياء التراث البحري، وانطلاق رحلة فتح الخير 3، وهي رحلة بحرية لمحمل تراثي
تقليدي وفق تقاليد الرحلات البحرية القديمة.
وكوني موظفة
في شركة Ooredoo، فقد حضرت
مع أسرتي احتفال الحي الثقافي (كتارا) باليوم الوطني بشكل شبه يومي، وقضاء معظم
الوقت في ضيافة قرية Ooredoo. تميز الاحتفال هذه السنة بالاستعراضات
العسكرية وعروض للطائرات الإلكترونية والسيارات الكلاسيكية، والحفل التراثي
لاستقبال الرحلة التاريخية لمحمل فتح الخير حاملة رسالة المحبة والأخوة والسلام،
بالإضافة إلى مشاركة عدد من المؤسسات بعدد من الأنشطة الترفيهية وورش العمل.
شارك أبنائي
زملاءهم طلاب مدارس مؤسسة قطر بأوبريت اليوم الوطني للدولة. حيث عبروا خلال العروض
التراثية والأغاني التقليدية عن حبهم وانتمائهم للوطن، والاحتفاء بعادات وتقاليد قطر
العريقة وقيمها الأصيلة وثقافتها وموروثها الشعبي. فمن خلال مواهب هؤلاء الطلبة،
تم إحياء أصالة الماضي وفخر الحاضر وتطلعات المستقبل. فقد كانوا في قمة الفخر
والاعتزاز والفرحة بتقديم فقرات الأوبريت بحضور سعادة الشيخة هند بنت حمد آل ثاني وسعادة
الشيخ جوعان بن حمد آل ثاني. ولا يسعني وصف شعوري كأم وكلّي فخر بأبنائي وجميع
الطلبة.
واشتركت معهم
في احتفال أكاديمية قطر مشيرب باليوم الوطني، وقدمت فقرة (ذكريات يديدة عايشة)، باللباس
الشعبي المكوّن من البطولة والجلابية والملفع والعباءة والذهب. حكيت لهم الحزاوي
وغنيت معهم الأهازيج التراثية. وقدّم الطلاب لوحات تراثية تنبض بالحياة من فنون
المراداة والعرضة والرزيف وإلقاء الشعر. ولم يخلوا الاحتفال من كرم الضيافة التي
عرف بها الشعب القطري، حيث قدمت الأمهات أشهى أنواع الأكل الشعبي، وتم تزيين
الساحة بدكان الفريج وخيمة الشعر.
وكم سعدت أنا أحضر مع والديّ واختي
مسرحية شللي يصير للفنان القدير غانم السليطي والفنانة القديرة هدية سعيد، والتي لامست
الواقع الاجتماعي الذي يعيشه الشعب القطري، وركزت على تداعيات الأزمه الخليجية بحرفية
عالية وبقالب كوميدي ممتع دون الإساءة أو التجريح لأي طرف من الأطراف، آملين لحل
الأزمة قريباً بالحوار والتفاوض.
كما أنها أحيت تاريخ مسرح قطر
الوطني، ونأمل أن تستمر هذه الأعمال المتميزة كما وعدنا الفنان
القدير حسن الملا عندما ألتقينا به عند انتهاء المسرحية. حيث أن المسرح فن إنساني يشكل متعة للفنان والجمهور على حدٍ
سواء. فالتفاعل المباشر على المسرح يعطي للفنان فرصة للخروج عن النص بعفوية.
أخر البيالة: عزز موقف سيدي صاحب سمو الأمير فخري واعتزازي بنفسي وبوطنيتي، وثبت للعالم بأن الدول تُقاس بأخلاقها وأفعالها (أميراً وشعباً) لا بحجمها. فقطر
ستبقى حرةً تسمو بروح الأوفياء.
مقالاتي السابقة ذات الصلة:
بيالة شاي: مقال اكتشف قطر
مقالاتي السابقة ذات الصلة:
بيالة شاي: مقال اكتشف قطر