Saturday, February 13, 2021

إنعكاس

"في يومنا الرياضي لهذا العام الاستثنائي الذي تعيشه دول العالم كافة، تبقى ممارسة الرياضة سلوكاً صحياً واجتماعياً لا غنى عنه، متمنياً للجميع يوماً ممتعاً."

الشيخ تميم بن حمد آل ثاني




منذ عشرة أعوام، بدأنا مبادرة اليوم الرياضي كإرث لملف قطر لاستضافة الأولمبياد في 2020. ومنذ ذلك الحين، أصبحت الدوحة عاصمةً للرياضة واستاداً رياضياً ضخماً يحتضن جميع أفراد المجتمع من كل الفئات العمرية لممارسة هوايتهم الرياضية أياً كانت، سواء فرداً أو جماعة بحماس ونشاط. ووفرت كل المرافق والمنشئات الرياضية، الحدائق ومسارات للمشي وللدراجات، لخلق بيئة تعزز الوعي الصحي وتشجع الممارسات والمبادرات الصحية والرياضية في المجتمع كمنهج حياة يومي، مما أدى إلى إعداد جيل سليم صحياً وبدنياً وعقلياً.

ونمر هذا العام بجائحة كورونا، والتي فرضت قيوداً على مختلف جوانب الحياة حولنا، ولكنها لم تمنعنا من استمرار بالتقليد الذي بدأناه بأبسط فعالية رياضية وأكثرها نفعاً وأقلها تكلفة. فكان يوماً بل عاماً استثنائياً من جميع النواحي، فخلق جوّاً من المشاركة الفعّالة والتنافس الرياضي الإيجابي استمتع به كافة أفراد المجتمع من خلال الإلتزام بالاجراءات الاحترازية والتدابير الوقائية. #صحتنا_وسلامتنا_مسؤوليتنا. فالرياضة غذاء الجسد والروح، بها تصح العقول والأبدان وعبرها تتطور المجتمعات وتقوى الأجيال، وتعزز نوعية الحياة وتقوي الروابط الإجتماعية والثقافية في المجتمع.

العافية هي ثروة الانسان الحقيقية

كن على يقين أن رحلة العافية التي قررت أن تتخذها، ماهي إلا إنسجام بين عافية الجسد والعقل والعاطفة والروح، خصوصاً في هذا الزمن. فأنت لست بعافية وذهنك مشتت أو محدود التفكير. أنت لست بعافية وقلبك مليء بالحزن أو الحقد أو الحسد. لست بعافية وروحك خاوية أو في ضياع. ولست بعافية وجسدك منهك أو مريض. وما أنت عليه الآن، ماهو إلا انعكاس لقرارات وخيارات اتخذتها في الماضي. رتب وقتك وأولوياتك، مايهم حقاً يأتي أولاً.




فأنت جميل مهما قالوا، أنت جميل بكل مافيك. مامن كلمات تستطيع أن تحط من قدرك وتهز من ثقتك بنفسك. فليس مهماً كيف يراك الآخرون، المهم كيف ترى أنت نفسك. فلا تضيع حياتك بحثاً عن ذاتك، ولكن عش حياتك في صنع ذاتك، واخلق منها شيئاً يصعب تقليده.

الشخصية المسلمة شخصية متوازنة متكاملة في الجسد والعقل والعاطفة والروح، لحديث النبي محمد عليه الصلاة والسلام مع عبد الله بن عمرو: (إن لربك عليك حقًّا، ولنفسك عليك حقًّا، ولأهلك عليك حقًّا، فأعطِ كل ذي حق حقّه) رواه البخاري. بل عـدّ النبي عليه الصلاة والسلام العافية أفضل ما يمكن أن يطلبه العبد من ربه، فقال: (سلوا الله العافية فإنه لم يعط عبد شيئاً أفضل من العافية). رواه الإمام أحمد.

فاتباع أسلوب حياة صحي مفعم بالحيوية والنشاط وخالٍ من الأمراض ليس بالقرار الصعب ولا يجب أن يكون مفروضاً، بل يجب أن يكون قراراً شخصياً متحلياً بالإرادة والعزم والإلتزام، لأنه قرار أبدي غير مرتبط بفترة زمنية معينة. إنها خطوات بسيطة تكفي لبداية حياة صحية مثالية. طبّق مقولة غاندي: كن أنت التغيير الذي ترغب في رؤيته في العالم. تقبل كل جديد في الحياة بطريقة إيجابية ومفيدة، فنحن من يغذي روح العالم بطموحاتنا وأفكارنا ومواهبنا الابداعية. والرغبة هي نقطة البداية لكل إنجاز عظيم، إبحث دائماً عن رغبتك الحقيقية وإفعل الأمور التي تحب فعلها حقاً. قف على ناصية الحلم وقاتل.

وفي مجال الصحة والعافية، زرت معرض انعكاس في مدينة مشيرب، والذي يعد مبادرة وتجربة تفاعلية تتطرق إلى مفاهيم الحياة الطيبة والعافية الشاملة.

هل أنت مستعد لترى انعكاسك الحقيقي؟

هل يشبهك انعكاسك؟

هل أنت راضٍ عن هذا الانعكاس؟



وتطرق المعرض إلى أهمية الوقت ليتسنى الإنسان معرفة كيف يرتب أولوياته. "لا تجعل يومك يحدد أولوياتك .. إجعل أولوياتك تحدد يومك"، فالتخطيط السليم في تحديد الأولويات اليومية يساعد على استغلال ساعات اليوم بطريقة أفضل في تحقيق أكبر قدر من الأهداف، ويساعدك على إدراك قيمة الحياة بشكل أفضل، ويعطي لعملك قيمة أكبر وأثر أعمق لك ولأسرتك ولمجتمعك. ثم بدأ باستعراض المفاهيم الأساسية للعافية وهي:

عافية الجسد:

ماهي اختياراتك في ملء جوفك؟

ماهي قيمة فاتورة هذه الخيارات؟ صحتك؟ حياتك!؟

هل حقاً تستحق الفاتورة هذا الثمن.

ماذا تحكي عنك وسادتك؟ من يشاركك وسادتك!؟ متى ستنام بحق؟

لا تؤجل اتخاذ القرارات في أي أمر من أمور حياتك إلى الغد، إبدأ من اليوم ولا تقول صعب ولا استطيع. استثمر في نفسك وفي الاعتناء بصحتك، غير روتينك اليومي وادخل عادات إيجابية صغيرة إلى حياتك. اتبع نظام غذائي صحي ومتوازن، إحصل يومياً على قسط كافي من النوم، واستمتع بوقتك في ممارسة تمارينك الرياضية المفضلة في مكانك المفضل وتخلص من التوتر والطاقة السلبية.

شد الهمّة فالصحة مهمة. حيث أولى الإسلام عناية كبيرة بجسم الإنسان وصحته والمحافظة عليه سليماً معافى من الأمراض بشتى أنواعها. ومن أجل هذه العافية شرّع النظافة، وأوجب الطهارة، وحرّم المسكرات، ونهى عن كل ما يضر بالبدن. وأوصى بتقوية الجسم وصيانته مما يهلكه أو يتعبه، لحاجة الإنسان لهذا الجسد في العبادة وطلب الرزق وإعمار الأرض.

عافية العقل/المعرفة:


هل تعلم أن باستطاعتك المحافظة على صحة عقلك عن طريق أسلوب حياتك والخيارات التي تتخذها؟ وذلك عن طريق النوم الجيد والغذاء الصحي، إضافة إلى الرياضة العقلية. وهي عبارة عن إيجاد طرق بسيطة ومتجددة لزيادة طاقته وأداءه، ولتنمية مهاراتك الذهنية فى الأعمال اليومية التي تقوم بها. كما أن الألعاب الذهنية والتعليمية بمختلف أنواعها تمنح عقلك فرصة للتفكير بطريقة منطقية وتجعله يستمر في العمل بصورة أفضل وتدفعه إلى فتح أفاق جديدة تساعده على أن يكون سليماً متمتعاً بالصحة.

فعملية تنمية وتدريب العقل ووضعه على أهبة الاستعداد والنشاط مهمة جداً لاستغلال الأجزاء المغلقة والغير مستخدمة فيه. أكتب لتكون مقروءً: إبحث عن طرق مختلفة لتكتب وتعبر فيها عن نفسك وآرائك. إقرأ، حيث تعد القراءة سياحة للعقل وغذاء للروح ومتعة للنفس، تعطيك تذكرة سفر لتحلق معها لأماكن وأزمنة مختلفة، لتتوسع في مجالات التدبير والتفكير، وتنهل من ينبوع المعرفة وتستقي من خبرات وتجارب وثقافات الشعوب. كما أنها تصقل شخصيتك وتثري معلوماتك وآرائك وتنمي مواهبك.

كل ليلة وقبل أن تنام اكتب ستاً من أهم المهام التي يجب أن تفعلها في اليوم التالي، حين تنام سيعمل عقلك اللاواعي على الوصول إلى أفضل الطرق لأداء هذه المهام. تعرف على مكامن قوتك ونقاط ضعفك. وظف ماتعلمته اليوم، أو مايسمى بمراجعة ذاتية شاملة، لتصقل بها شخصيتك وتنمي بها مهاراتك. غامر بخوض تجربة جديدة كل يوم، وان خسرتها فلقد استفدت منها وتعلمت من أخطائك، قف بعدها بشموخ وتأكد أنها فرصة ثمينة لتجربتها أكثر من مرة وبأكثر من طريقة، وفي النهاية حصيلة جديدة تضاف إلى خبراتك.

عافية العاطفة:

عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ». متفق عليه

نرى في هذا حديث إعجاز دقيق وشامل، فالقلب بمدلوله العضوي الملموس هو قوام حياة الجسد، إذا صلح صلح الجسد كله، وإذا فسد فسد الجسد كله. والقلب بمدلوله المعنوي مركز العواطف والمشاعر والعقائد، والأفكار وركائز الأخلاق، وضوابط السلوك، إذا صلحت صلح أمره كله، وإذا فسدت فسد أمره كله.

فَرِّح نفسك بإنجازاتك، واستمتع بماتعمله وتعلمته، أحب عقلك وألهو مع عواطفك، والأهم من ذلك استكشف امكاناتك ونمها.

وتذكر قول الله تعالى في سورة الرعد (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)28.

عافية الروح: وهل العافية الا بقربك ياالله.


انفصل لتصل، انفصل عن العالم واتصل بخالق الروح سبحانه وتعالى. اقبل إلى الله بقلبك وجوارحك واخلص في طاعته وعبادته واسعى إلى مرضاته. ثق برحمته واطمئن، أيقن بأن لا أحد يقدر أن يغلق باباً فتحه الله لك، وردد دائماً ربي اختر لي ما تراه خيراً ليّ. فالخيرة فيما اخترته لي ياالله.

عافية الروح وانشراح الصدر مرتبطان بالإيمان وتقوى القلب ومحاسبة النفس وحب الخير. فقال الله تعالى {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1) وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (2) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (3)}. انشراح الصدر هو سعته وراحته واطمئنانه، والعرب تطلق الشرح على البسط والمسرة وراحة النفس وانفساح الروح. {وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} في كل أمورك واطمع فيما عند الله من خير.

آخر البيالة: انعكاس ما بداخلك على السطح وإعادة تشكيله بصورة جمالية يعطي فضاءً واسعاً ممتداً لكل ماهو حولك. فمن أسباب السعادة أن يكون لديك عيناً ترى الأجمل، وعقلاً يفكر بالأفضل، وقلباً ينبض بالخير والحب، وروحاً يملأها الأمل والرضا.

بادر بتغيير أسلوب حياتك لتكون صحية لتستمر قطر تنبض بالحياة.