اللهم لك الحمد ولك الشكر على بلوغي وأهلي ومن أحب شهر رمضان، اللهم تقبل صيامنا وقيامنا وسائر أعمالنا. اللهم إجعلها ثلاثين ليلة من الجبر والستر والطمأنينة والغفران. اللهم ردنا إليك رداً جميلاً ردنا إليك بلطف دون الابتلاء بمصيبة، وتولنا برحمتك ولا تكلنا إلى غيرك ياأرحم الراحمين. اللهم كما بلغتنا رمضان اختم لنا الشهر برضوانك والعتق من نيرانك.
﴿أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ﴾ [البقرة: 184]، جمع قلة تيسيراً وتهويناً لأمره علينا. وفي هذا الوصف مايُشعر بسرعة انقضائه، وأنّ الوقت فيه هام جداً، لذا فعلينا الاهتمام باستثماره والاستعداد له بأفضل الطرق والوسائل والتخفيف من الملهيات. فشهر رمضان شهر رحمة، والصيام مدرسةٌ ربانيةٌ. وجمال التقوى في التخلية قبل التحلية، في كيفية الاستمتاع بالصيام بالتوبة وتهذيب النفس وخشوع القلب واستشعار نظر الله تعالى لنا. فالله معنا أينما كنا، لنحرص على ترك مانهى عنه وما لايرضيه، والمسارعة لعمل الطاعات والعبادات بما يرضيه، محبةً ورغبةً ورهبةً وإخلاصاً له عز وجل. لنتذكّر عظيم نعم الله علينا ونشكره ونحمده عليها، لأن في الآخرة عاقبة للمتقين. اللهم اعنا على الاستمرارية لنلقاك بقلب سليم وجوارح نقية.
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة:183]
وبدأت أجمل ليالي السنة، معطّرة بنفحات إيمانيّة لتغمر قلوبنا بالسعادة. فشهر رمضان فرصة حقيقية نجدد فيها العهد مع الله سبحانه وتعالى، نستقبل به أنوار الشهر وبركته. والصيام عبادة عظيمة نُطهّر به النّفس ونزكّيها، ونصلح به القلب من الأمراض الدنيوية. في القرآن اكتشف نفسي وأقرأ عن مصيري، فأشعر بالسكينة والراحة النفسية والجسدية. فهو دستوري وشريعتي وشفيعي ليوم الدين.
قال تعالى: ﴿وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [الأنعام: 155]. كما قال في سورة البقرة ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ﴾ [185].
﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ۖ لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُكَ ۗ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ﴾ [طه:132]، فلنحث أنفسنا وأهلنا على القيام بها ولنجاهد بأدائها بحدودها وأركانها وآدابها، لأنها عماد الدين، وناهية عن الفحشاء والمنكر.
ومن أهم خصائل شهر رمضان روعة وحميمية لمّة الأسرة على مائدة الإفطار والسحور، والسعى إلى تقوية أواصر العلاقات الأسرية لتسود المودة والرحمة في المنزل، والمعونة في تجهيز المنزل استعداداً لموسم إيماني مليء بالخير. اللهم أعني على الحفاظ على بيئة إيمانية تربوية مليئة لي ولأبنائنا، وغرس قيمة البر والتقوى وفعل الخير والمشاركة مع الأهل والمجتمع.
فتش عن رمضان بعد رمضان. فإذا وجدت أنك قد اقتربت من الله خطوة بطاعة وبترك معصية فاعلم أنك حققت الهدف. واعلم إذا استعجلك الشيطان في صلاتك فتذكر أن كل ما تريد لحاقه، وجميع ماتخشى فواته بيد من وقفت أمامه. وأجمل ما في السجود أنك تهمس في أذن الأرض فيسمعك من في السماء. وتذكر قول نبي الله صلى الله عليه وسلم: (يقول الله تعالى: يا ابن آدم تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى، وأسد فقرك، وإن لم تفعل ملأت صدرك شغلا ولم أسد فقرك).
آخر البيالة: العطاء ليس شرطاً أن يكون مادياً. فهو ذلك الشعور الذي يحيينا والطاقة والقوة التي تعيننا على المواصلة. حين نعطي باستشعار ورغبة بالمثوبة والأجر، سيعود لنا العطاء بصور مختلفة.