Sunday, March 1, 2020

الطريق إلى سيلين



أول زيارة لي مع عائلتي لمنطقة سيلين كانت منذ حوالي 5 سنوات لمنتجع سيلين، ومنذ ذلك الحين لم تنقطع زياراتي للمنطقة. فمنطقة سيلين تعد من المناطق السياحية الجميلة المحببة لجميع أفراد المُجتمع من مواطنين ومقيمين خصوصاً في موسم التخييم، والمتنفس المثالي للراحة والاستجمام وممارسة جميع أنواع الهوايات، حيث منظر المخيمات والعنن الخاصة بالمواطنين والمقيمين وسط التلال الرملية الذهبية.

وعلى الرغم من سعي المؤسسات الحكومية والخاصة إلى تطوير منطقة سيلين والارتقاء بمستوى الخدمات والفعاليات ورفع مستوى الأمن والسلامة المرورية فيها. إلا أن المنطقة باتت مبعث قلق اجتماعي لكل بيت قطري، بسبب الحوادث الناتجة عن استعراضات التطعيس المتهورة. ولا يخفى علينا أن هواية التطعيس والاستعراض من الهوايات ذات الشعبية لدى الشباب من جميع الأعمار، الذي يتطلع إلى ممارستها وتفريغ طاقته في منطقتي سيلين وخور العديد عطلة نهاية الأسبوع، لما تتمتع به المنطقة من مزايا عدة أهمها المساحة الشاسعة والتلال الرملية المرتفعة.


واستغرب من الحملة التي انتشرت مؤخراً، والتي تطالب إدارة المرور باتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع التطعيس في سيلين وإغلاق المنطقة، وتحميلها كامل المسؤولية عن الحوادث الناجمة عن هذه الهواية. وأرى أن وزارة الداخلية، المتمثلة في إدارة المرور، لم تألُ جهداً في نشر دوريات مرورية لرصد الحالات المخالفة وتطبيق القانون عن طريق فرض العقوبات وتحويل المخالفين للنيابة، حتى لا يعرضوا حياتهم وحياة الآخرين للخطر. إضافة إلى إقامة عدد من الحلبات الآمنة للقيادة وتخصيص طعس التوقيع للاستعراض لتفريغ طاقات الشباب بطريقة آمنة ومنظمة فوق التلال الرملية، إضافة إلى فصل مسارات السيارات عن مسارات الدراجات النارية مع توفير كافة معايير الأمن والسلامة حفاظاً على أرواح الشباب. والتنسيق مع مؤسسة حمد الطبية في توفير سيارات الإسعاف لعلاج المصابين ونقلهم إلى عيادتها المتنقلة في سيلين أو إلى أقرب مستشفى حسب الحالة.

إن اتخاذ قرار بمنع استعراضات سيلين سيدفع الشباب إلى البحث عن خيارات بديلة أكثر خطورة وممارسة هواياتهم بطريقة عشوائية بعيداً عن الرقابة. وبرأيي فإن تنظيم هذه الاستعراضات في حلبات آمنة للقيادة وتقنينها وفق ضوابط تحقق إجراءات الأمن والسلامة بالتعاون مع المسؤولين في وزارة الداخلية ووزارة الثقافة والرياضة وبمشاركة الاتحادات الرياضية هو الحل الأنسب لتفادي مخاطرها وتلبية طموحات الشباب في ممارسة هوايتهم.




وهذه الجهود تحتاج إلى دعم من جميع فئات المجتمع والمؤسسات، لأنها مسؤولية مشتركة. فلا نستطيع تحميل إدارة المرور المسؤولية الكاملة عما يحدث في سيلين. فنحن بحاجة إلى مبادرات مجتمعية تناقش الأسباب والعوامل المؤدية للحوادث، وتقدم حلولاً مناسبة لمعالجة هذه الظاهرة والسعي إلى القضاء عليها، إلى جانب حملات توعوية لرفع وعي وثقافة الشباب بالمخاطر الناجمة عن هذه الرياضة وتشجيعهم على ممارستها بشكل آمن عن طريق احترام القوانين والقواعد المرورية، وبما يحافظ على حياتهم وحياة الآخرين، مثل مبادرة فزعة مواتر ومبادرة قطر تبغيك، وغيرها. وتكثيف الحملات التوعوية في وسائل الإعلام والمدارس والمساجد ووسائل التواصل الاجتماعي والعنن والمخيمات في سيلين عبر رسائل موجهه للشباب على مدار العام، تسعى إلى دمج هؤلاء الشباب في أنشطة وبرامج وفعاليات مفيدة تخدم المجتمع.

وتعد الأسرة هي المسؤولة عن تربية وتوعية أبنائها بأهمية الحياة وبالمخاطر الناجمة عن هذه الرياضة، وتلعب الدور الأهم في توجيه اهتماماتهم وميلوهم إلى مايفيدهم في حياتهم، وفرض العقوبات الصارمة في حال مخالفتهم للقوانين المرورية وتعريض أنفسهم وغيرهم للخطر. لأنهم من سيتجرع مرارة الألم والفقد في حالة الوفاة أو العجز. وبرأيي إن الشباب هم المسؤولين بالدرجة الأولى عن هذه الحوادث والأثار الاجتماعية والصحية والاقتصادية الناجمة عنها. ويجب عليهم الاهتمام بأنفسهم والتفكير بأهلهم وعدم إهمال وسائل الأمان وتوخي الحذر والحيطة. وهم الأقدر على توعية أنفسهم وأصدقائهم بأهمية التدريب على ممارسة هذه الهواية والالتزام بالقوانين المرورية واستخدام وسائل الأمن والسلامة.

لجميعنا الحق في الاستمتاع بمنطقة سيلين وخور العديد، والاستمتاع بقضاء إجازة ملؤها الراحة والاستجمام في منطقة ترفيهية سياحية تبتعد عن كونها مقبرة مفتوحة للشباب. ومن حق أسرتنا علينا أن نرجع جميعاً سالمين.

آخر البيالة: خلف كل نافذة قصة .. وخلفها قلوب مختلفة تنبض بالحب، بالحنين، بالألم، بالفقد، وبما لا يحكى أبداً ..

No comments:

Post a Comment