أذهلني قرار اعتبار مادة التربية الفنية مادة تكميلية قابلة للحذف من
المنهج الدراسي وما لهذا القرار من إجحاف بحق هذه المادة ولدورها في التنمية
المستدامة والإرتقاء بالمجتمع. فقد تحدثت في مقال الأسبوع الماضي عن ضرورة إطلاق
العنان لابداعات أبنائنا والحرص على تشجيعهم في التعبير عن آرائهم وتنمية مخيلتهم
وصقل مواهبهم، إلا أن هذا لن يحدث إذا همشنا أهمية التربية الفنية في حياة أبنائنا.
فهي المادة التي تسعى إلى تأكيد ذاتية الطالب وتنمية تكوينه الشخصي والعاطفي
وتفريغ طاقاته وتدريب حواسه على الاستخدام غير المحدود، حتى وان كانت مجرد شخابيط
وبقع ألوان لا معنى لها في نظرنا. ومادة الفن كغيرها من المواد ما هي إلا وسيلة
للوصول إلى التكوين العام الشامل للطالب وليس هدفها تكوين المهارة اليدوية فقط بل
هو إيجاد نوع من الخبره والمهارات المكتملة في مراحل التعليم المختلفة التي تتلائم
مع أعمار الطلاب ومستوياتهم وربطهم ببيئتهم ومساعدتهم على التأقلم والانسجام في
المجتمع.
فالفن عملية تجديد وابتكار وليس تلقيناً حرفياً، يسعى إلى تنمية روح
التعاون والعمل الجماعي وبث روح التنافس الشريف إلى جانب تنمية الذوق والإحساس
الفني الفردي عند الطالب ليستمتع بالقيم الجمالية ويتعرف على مواطن الجمال في
الأشياء التي يشاهدها، وهي استثمار لوقت الفراغ في إنتاج الأعمال الفنية واكتساب ثقافة
الفن والقيم التشكيلية. كما أنها تنمي من القدرات الذهنية والعاطفية والحركية.
ولاننكر دور الدولة في دعم مسيرة الفن بمختلف أنواعه والحرص على اكتشاف
المواهب الفنية وتشجيعها، ويظهر ذلك جلياً في اختيار الدوحة عاصمة للثقافة والفنون
والتراث، وحرصها على إنشاء المتاحف والجمعيات الفنية واستضافة المهرجانات والمعارض
ذات الصلة.
أخر البيالة: الفنان الحقيقي هو شخص مبدع ومتمكن
من أدواته وإمكاناته الفنية ليسخرها لخدمة وتطوير مجتمعه، كما يعد ركيزة الحضارة ومرآة تعكس اهتمامات وهموم مجتمعه، فأتمنى من متخذي القرار عدم الاغفال عن هذه
الأمر وإعادة النظر في الموضوع.
No comments:
Post a Comment