ذهبت مع أختي وأبنائنا في رحلة عائلية إلى قرية زكريت شمال غرب قطر بالقرب من مدينة دخان على امتداد صغير من الأراضي المعروفة باسم "شبه جزيرة زكريت" الذي يبرز في الخليج العربي لقضاء عصر يوم ربيعي جميل لمشاهدة التكوينات الصخرية أو ما يسمى بالبرقى ومشاهدة غروب الشمس وانعكاسها على رمال الصحراء الذهبية والمنحدرات الصخرية، وخليج زكريت بشاطئه الرملي النقي ومياهه الزرقاء الضحلة.
وفي جولة سياحية سريعة خلال القرية الصغيرة ذات ملامح تراثية أثرية وتعداد سكاني صغير، شاهدنا مسجد زكريت وبيت الإمام الذي يعود تاريخهما إلى خمسينيات القرن الماضي، وأطلال قلعة زكريت التي تم تأريخها إلى أواخر القرن 18 أو أوائل القرن 19، والتي كانت تراقب مدخل شبه جزيرة رأس بروق. والجدير بالذكر أن البناء الأولي للقلعة من قبل رحمة بن جابر لم يكن به أي أبراج، حيث أضيفت الأبراج الدائرية إلى كل جانب في مرحلة إعادة الإعمار. وتقع بالقرب منها مدابس التمر التاريخية.
وقفت على أطلال هذه القلعة، متسائلة عن القصص التي لم ترو من تاريخ قطر والتي اتخذت من هذه القلاع الأثرية والمنازل التاريخية موقعاً لأهم الأحداث والقيم الحضارية الإنسانية. حيث تنتشر القلاع القديمة وبقاياها في السواحل الشماليّة، وتعدّ قلعة الزبارة أكثرها شهرة. وقلاع أخرى على الساحل الشمالي الغربي في فريحة، والرويضة، واليوسفية، وبئر الحسين، والثغب وزكريت. أما على الساحل الشرقي تقع قلاع في الحويلة، الزرقاء والعذبة، وفي مناطق حول الدوحة أهمها وأقدمها الوجبة والكوت، وأم صلال.
لا دور لي في حياتي سوى أنني، عندما علمتني تراتيلها قلتُ: هل من مزيد؟ أيها الحاضر تحملنا قليلا، فلسنا سوى عابري سبيل ثقلاء الظل. - يوسف درويش
فالبيوت والقلاع الأثرية تشيخ وتهرم وتصبح أطلالاً ليضيع إرثها الثقافي وتاريخ أرضها وذاكرة قاطنيها وأحلام أبنائها. فماهي مسؤوليتنا نحن كأفراد في حماية تراثنا الثقافي المادي وموروثاتنا للأجيال القادمة. كيف يمكننا أن نسهم مع المؤسسات المعنية في التعريف بهذه الأماكن ودورها في فهم طبيعة الحياة التي عاشها أسلافنا وكيفية تعاملهم مع بيئتهم ليشكلوا حاضر قطر ومستقبلها. لتستمر قطر تنبض بالحياة، يجب على كافة شرائح المجتمع المساهمة وبجهد وطني هادف لحماية مواردنا وثرواتنا البشرية والثقافية والاقتصادية والطبيعية.
وقبيل المغيب نصبنا خيمة صغيرة بجلسة شعبية متواضعة مشاهدين مياه الخليج. استمتعنا بتبادل الأحاديث والتقاط الصور للذكرى، واستمتع الأطفال باللعب في المياه الضحلة. وإلى جوارنا عائلات، مثلنا، جاءت لتستمع بشاطئ زكريت برماله الناعمة ومياهه الصافية الواقع على يسار طريق القرية. وكم تحلو الجلسات العائلية مع أصناف الحلويات وأكواب الشاي في أجواء الهدوء والسكينة على ساحل البحر بعيداً عن صخب الحياة. وكغيره من الشواطئ، شاطئ زكريت بحاجة إلى صيانة وإعادة تأهيل ووضعه على خريطة السياحة المحلية.
No comments:
Post a Comment