{أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}
ما أحوجنا أن نتدبر القرآن الكريم، ونتفهم معانيه ونتفكر فيما تدل عليه لنعمل بها. فكل منّا سيدرك مغزى الآيات ويتفاعل معها وفق شخصيته وتجاربه والمحيط الذي يعيش به، لأن إعجاز القرآن أنه صالح لكل زمان ومكان، والاستشعارُ بأنه رسائل شخصية أرسَلَها الله إلى كل مسلم، ليجد فيه السكينة والطمأنينة والحل لكل مشكلة وجبر لكل خاطر.
وأود أن أبدأ معكم سلسلة من المقالات بعنوان "وقعت في قلبي آية"، أعبر عن آيات تدبرت فيها وكان لها الآثر في نفسي، لعلها تترك في نفوسكم أيضاً. وإن جازت لكم وددت أن تشاركوني الآيات التي وقعت في قلوبكم.
أول الآيات التي وقعت في قلبي: {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَٰلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ۚ وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ ۚ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ ۚ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} – آية 74 من سورة البقرة.
نزلت هذه الآية في بني إسرائيل الذين قست قلوبهم من بعد ما أنعم الله عليهم بالنعم العظيمة، ونزلت عليهم الآيات والمعجزات، فلم تؤثر فيهم بالرغم من كثر النصح والموعظة. فنقضوا عهد الله وميثاقه، وحرّفوا الكتب السماوية. كذّبوا الأنبياء وقتلوهم، وأكلوا أموال الناس بالباطل. وتبين هذه الآية فضل وتميّز الحجر على بعض قلوب البشر، وأن من لينها ومطاوعتها تنشق فينساب منها الماء العذب، أو تهبط خضوعاً وتذللاً لله عزّ وجل. لأن القلب إذا قسا خسر القدرة على مناجاة الله سبحانه والتضرع إليه في السرّاء والضرّاء.
وقعت في قلبي هذه الآية، لأنها تصف حال كل من ابتعد عن دين الله عز وجل نتيجة للمعاصي والخطايا. تصف هذه الآية حالي حين لم يكن لدي وردي اليومي ولم أخشع في تلاوة القرآن والتدبر فيه. لأعيد تقييم نفسي وإيماني وارتباطي بالقرآن. لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (ألا وإن في الجسد لمضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب). فما أجمل من صلاح القلب ليستقيم حالنا وتغمر حياتنا سعادة ورحمة. اجعلنا يارحمن نَتأثر ونُأثّر الآخرين بالقول الليّن والفعل الجميل.
وقعت في قلبي هذه الآية وأنا أشاهد شعب أبي متسلح بالقرآن والإيمان أن يزعزع جيش متسلح بأحدث المعدات. تحوّلت فلسطين إلى مصدر للتضحية والإنسانية ورمز الثبات والمقاومة. لقد دفعوا ثمناً مؤلماً، إلا أنهم غيّروا العالم. قلّبوا الموازين، وحدّوا البشرية وغّيروا صورة العرب النمطية بأننا إرهابيين إلى أصحاب حق. بّينت لغير المسلمين كيف للقرآن والإيمان أن يثبّت الفلسطينيين في أعظم مصائبهم ويبّشرهم بالنصر القريب والدرجات العلى من الجنة. فلانت قلوب الغرب وسعوا إلى التعرف عن الدين {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}. لتنفجر منه أنهاراً من مظاهرات ثائرة مؤيدة للشعب الفلسطيني وتندد المجازر والجرائم الإسرائيلية، رافضة السكوت الدولي.
آخر البيالة: اللهم لاتجعلنا من القاسية قلوبهم، واجعلنا من الذين إذا ذكر الله امامهم وجلت قلوبهم. اللهم اجعل القران العظيم ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلاء أحزاننا وهمومنا. اللهم ارحمني بالقرآن واجعله لى إماماً ونوراً وهدى ورحمة. اللهم ذكرني منه ما نسيت وعلمني منه ما جهلت وارزقني تلاوته آناء الليل وأطراف النهار.
No comments:
Post a Comment