Monday, November 4, 2024

رحم الله راحلين طاب ذكرهم وحسن أثرهم

وصلني يوم الجمعة الماضي خبر وفاة صديقة لي. صدمني الخبر وألمني كثيراً، خصوصاً وأن تواصلها عبر الواتساب في السنوات الماضية معي قليل لظروف خاصة بها ولم ألتق بها منذ سنين.

ألمني الخبر لأنها ثاني صديقة توفاها الله خلال سنة، وكلاهما اختارا الابتعاد عن اللقاءات الاجتماعية في أضعف حالاتهم لخوض معاركهم الحياتية لوحدهم. كلتاهما خاضت قسوة المرض لوحدهما، وإحداهما خسارة الأم لوحدها.

المتاعب والمصاعب والمصائب جزء من حياة الانسان. والشيء الوحيد الذي سيختلف هو مدى رضا الإنسان، وصبره وقدرته على التكيف مع ظروف حياته المختلفة، وإلى من يلجأ إليه بعد الله المعين. وربي كريم بمنحي أهل وصديقات في كل مراحل حياتي. حبهم ورعايتهم واهتمامهم يفوق اتساع الكون. هم سندي الثابت وضلعي المعين على خوض الحياة إلى بر الأمان والسعادة والاطمئنان. هم أجنحتي، تنتشلني حين أسقط. هم الكتف الذي احتاجه للراحة من كل عناء. وهم اليد التي تدفعني لتحقيق أحلامي.

مرارة فقد شخص عزيز سواء كان أحد أفراد العائلة أو صديق واقعه صعب جداً. فما بالك أن يكون هذا الفقد من مرض لم تعلم عنه ولم تسنح لك الفرصة للقاء هذا الشخص. وتسألت مراراً هل أذنبت أنني جعلتهما يبتعدان ويحتفظان بخصوصيتهما؟ وترك المجال لهما التواصل متى ماسنحت لهما الفرصة أو الظروف وحتى النفسية!؟ أم كان من الواجب علي الإلحاح في اللقاء والاتصال وإعادة تعزيز الترابط الاجتماعي بيننا.

ما حدث كان منبه أيقظني على ما آل عليه حال الدنيا، وانشغالنا بحياتنا الخاصة عن حياتنا الاجتماعية. وخطر لي سؤال لماذا يختار بعض الأشخاص العزلة عن الناس والحياة الاجتماعية العامة التي آلفها من قبل والاكتفاء بذاته ودائرته الاجتماعية الخاصة. هل هو الخوف من نظرة الناس له، وعدم قدرته على التعامل مع الواقع. هل هو عدم الرضا عن النفس وعدم تقبلها بكل ما فيها من مزايا وعيوب، والخوف من التعبير عما فيه من مرض (نفسي أو جسدي) أو متاعب ومشاكل واجهها ولم يستطع حلها.

أنا أؤمن بمقولة ابن خلدون (إن الإنسان اجتماعي بطبعه). أي أن الانسان خلق للعيش في جماعة، مهما توفرت له سبل العزلة من راحة ورفاهية. فالعلاقات الاجتماعية تعيننا على مواجهة تحديات الحياة بثبات وصبر واجتيازها بسلام وآمان، وتعطي قيمة وسعادة لحياتنا اليومية. فأنا الإنسانة أعيش في مجتمع مترابط. مهما اختلفت الأدوار، أنا هنا للقيام بدور معين مهما صغر هذا الدور أو كبر. نصيحة: الحياة أقصر بكثير من أن نعزل أنفسنا عمن يكنون لنا الحب والاحترام، فلنحرص على التواصل معهم متى ماسمحت لنا الظروف. الحياة أجمل من أن نحبس فيها شعورًا صادقًا قد يتسبب بإسعاد أحدهم. لنعبّر عن تلك الأشواق التي تخالج قلوبنا ونتركها تصل لأهلها. ولنتواصل مع الأحباب، فالحياة تمضي بسرعة (بحلوها ومرها). ورغم اختلافاتنا، هناك من يتمنى رؤيتنا، ويخلق ألف سبب ليكون بصحبتنا.

آخر البيالة: رحم الله راحلين طاب ذكرهم وحسن أثرهم
يا رب أنر قبوراً احتضنت أحبتي، وأسعدهم في قبورهم آمنين ومطمئنين واجعلهم في نعيم دائم لا ينقطع.
يا رب وإن قصرت في الدعاء لهم فأنت ربهم لا تنساهم. اللهم ارحمهم واغفر لهم وأنزل عليهم الانس والنور والسرور.

4 comments: