﴿قُل لَّن يُصِيبَنَآ إِلَّا مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَىٰنَا ۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ﴾
نزلت هذه الآية الكريمة مع ما سبقها من الآيات لتبين موقف المنافقين الذين تخلّفوا عن غزوة تبوك، وظنهم أنّهم يملكون القدرة على الاحتراز والحماية من الشرور والمصائب. وكانوا ينقلون أخباراً سيئة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأمر الله النبي أن يخبرهم بأن الله تعالى قد قدر الخير للمؤمنين المطمئنين بقضاء الله وقدره، متوكلين عليه سبحانه.
هزّت مشاعري هذه الآية عقب أحداث الليلة الماضية، هجمات عدوانية سافرة وانتهاك صارخ لسيادة وطني ومبادئ الأخوة وحسن الجوار. أزمة تضاف لسلسلة من الأزمات التي خضناها على مر السنين.
هذي البلاد ربي حافظها لسبب. الرسول عليه الصلاة والسلام قال: صنائع المعروف تقي مصارع السوء. - معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية
قطر وطن الأمن والأمان، قطر كعبة المضيوم، قطر نبراس للسلام، وليست هدفاً أو تهديداً. وخلف تميم شعب ووطن وجيوش للدار وحمى، ووقت الحرايب جمعنا مثل الوحوش الضاريه. حـنا بخـير وديـرة العـز في خـير. دولة قطر تصعب على من بغاها. الله خـلقنا في صـدور الطـواربير وضوينا تدفى العرب من سناها. لم تكن قطر يومًا مصدر تهديد، بل موطن سلام وشراكات دولية وعلاقات أخوية متينة. الوسيط الموثوق به في حل النزاعات الإقليمية والدولية، ودورها الدبلوماسي الهام في محادثات السلام لإنهاء الصراع والعنف، ولتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، ورفع المعاناة عن الشعوب المتضررة والدفاع عن حقوقهم.
إذا أردت أن تتعرف على مكامن الخير في شخصية الإنسان فابحث عن صفة الرحمة فيه، فإذا اتسم بها فكن مطمئنّاً له، فهي صفة أصيلة يتفرّع منها خصال عديدة كالإحسان والعطاء والإيثار واللين والعفو. وإن الرحماء في هذه الأرض رحمة وهبة من رب الرحمة، وبهم تطيب الحياة. فكلنا قطر الرحيمة، وكلنا على العهد نمضي بثبات على نهج الحكمة والسلام، والاستقامة على طريق الحق مهما تبدلت الأيام والأحوال.
قدر الله وما شاء فعل. لا نعلم إلى أي درجة الله رحيم بنا، لا نعلم كيف يسخر لنا الأشخاص، الأحداث، المفاجآت، والمواقف. لا نعلم كيف يصرف عنا ما نحب لشر لا نعلمه، وكيف يقرب لنا ما نكره لخير لا نعلمه. ربنا الله أكبر من كل شيء، فلماذا القلق والحزن والخوف. الشدائد والمحن كشفت لنا معادن من حولنا. نشكر جميع الدول الشقيقة والصديقة حكومة وشعباً، وبالعلاقات الأخوية العميقة والمصالح المشتركة التي تجمعنا بهم. ما خُلقنا لنيأس، خُلقنا لنقف على شرفة الحياة ونخوضها معاً مطمئنين واثقين باللَّه، وإن طال وقوفنا فالأمل أطول.
وما تشهده المنطقة من أحداث ينبغي أن يُقابل بالحكمة والاتزان، لا بالذعر والقلق والانفعال. فديننا يأمرنا بالتآزر في الشدائد، وبثّ الطمأنينة لا الفتنة والشائعات. قال رسول الله ﷺ: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً). ويُطمئننا جل جلاله بقوله: ﴿إِن يَنصُرْكُمُ ٱللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ﴾ فلنكن عونًا لبعضنا في هذه الظروف، بالكلمة الطيبة، والدعاء الصادق. وبالرغم من إيماننا بالقضاء والقدر، وكلنا ثقة بحكومتنا الرشيدة وقدرتها على الدفاع عن أرضها وعن مواطنيها والمقيمين فيها والحفاظ على الأمن والآمان، فاستشبرنا بالعز والخير. إلا أنني استوعبت بعدم وجود تخطيط فردي للطوارئ والأزمات.
لا أحد يعلم إلى أين تتجه الأحداث، لكن ما نعرفه يقيناً أننا نعيش في أقدار الله. ولا أحد يملك أن يضرنا أو ينفعنا إلا الله الحافظ سبحانه فلنحسن الظن به ﴿وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾، وأبشر بكل خير وفضل، وأعلم أنه لن يُصيبك إلّا ما كتبه لك سبحانه. أنشروا السكينة والطمأنينة بين الناس لا الخوف والهلع. فمن يبعث لكم عن موقف مخيف، حدّثه عن رب لطيف، الأرض أرضه والأمر أمره. استشعر الطمأنينة والتسليم في قوله تعالى ﴿إنّا كلَّ شَيْءٍ خلقناه بِقدر﴾، مخاوفنا ومتاعبنا كلها بقدر، ولن تطول بإذن الله، فلنملأ قلوبنا باليقين. قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ.
ولتكن نفوسنا متعلّقة بالله ومتكلّة عليه، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف) رواه الترمذي
آخر البيالة: اللهم احفظنا بحفظك وانت خير الحافظين. وأمِّن علينا أوطاننا وأهلنا. وارفع عنّا وعن بلادنا شر هذه الفتن والمحن. واصرف عنا كيد الأعداء وظلم الظالمين. اللهم اجعلنا من الثابتين عند البلاء، المطمئنين عند الشدائد، المتوكلين عليك في كل حال، واجعل هذا البلد وسائر بلاد المسلمين آمنًا مطمئنًا يا أرحم الراحمين. اللهم احفظ قائدنا وولي أمرنا صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، اللهم كن له عونًا ونصيرًا ومؤيدًا وظهيرًا وأنر دربه بالحق والهدى يا ذا الجلال والإكرام.
No comments:
Post a Comment