معرض الدوحة الدولي للكتاب عرس ثقافي أنتظره بفارغ الصبر كل عام. أسبوع حافل مليء بالفعاليات الثقافية والمنتديات الفكرية. إلا أن مونديال كأس العالم حالت دون تنظيم المعرض هذا العام.
يتيح لي المعرض الفرصة لتجديد مكتبتي الشخصية، والالتقاء بالمؤلفين وحضور الفعاليات والأنشطة الثقافية والأدبية والفنية المتنوعة. ووجود معرض مصاحب للفنانين التشكيليين والمصورين الفوتوغرافيين قد عزّز مكانة الفن التشكيلي والتصوير الفوتوغرافي كرافد من روافد الفكر والوجدان الإنساني.
فمعرض الكتاب أكمل العام الماضي خمسون عاماً من الثراء الثقافي. يحرص القائمين عليه على استمرارية مغامرة الإنسان مع الإبداع: كتابةً وقراءةً وحياة. واستطاعوا في إحداث نقلة نوعية متميزة عن الأعوام السابقة، مما نجح باستقطاب عدد كبير من دور النشر والمكتبات العالمية. رسّخ المعرض مكانته، ليس كمحطة لبيع وشراء أحدث إصدارات الكتب والروايات، بل كنافذة لمحبي العلم والمعرفة وحافز للبحث عنهما ومعزز للفكر والحوار وتبادل الآراء بين كافة شرائح المجتمع. كما يعد منصة لتلاقي الثقافات والقيم الإنسانية، إضافة إلى نشر الإبداع في اختيار كل ما هو نافع ومفيد لبناء الثقافة والهوية الوطنية.
الكتب نوافذ تفتح على العالم ولها القدرة على تغيير الحياة. فهي أعز أصدقائي، تجعلني أضحك وأبكي وتدفعني لأجد المعنى في الحياة.
فالقراءة سياحة للعقل وغذاء للروح ومتعة للنفس بعيداً عن ضغوطات الحياة. تعطينا الكتب تذكرة سفر لنحلق معها لأماكن وأزمنة مختلفة، لنتوسع في مجالات التدبر والتفكير والخيال. ننهل من ينبوع المعرفة ونستقي من خبرات وتجارب وثقافات الشعوب. حرصت على اختيار الكتب والمقالات بعناية، لأغرف من عين الأدب ملكات التعبير وأساليب الكتابة ومفردات اللغة والقدرة الفكرية والخيالية. وتضع لدي الأرضية الصالحة لأبني عليها شخصيتي وآرائي وأنمي مواهبي. فالكتاب ماهو إلا الميراث الحقيقي للبشرية، يحمل الفكر الإنساني في مراحله المختلفة.
فالكتب هي السّفن التي تمر عبر بحار الوقت العظمى. -فرانسيس بيكون
لقد قامت وزارة الثقافة على استضافة العديد من الفعاليات والأنشطة الثقافية، منذ اختيار الدوحة كعاصمة للثقافة العربية، سعياً لدعم الابداع الفكري والرصيد الثقافي وتنشيط المبادرات الخلاقة التي تهدف إلى التشجيع على القراءة والارتباط بالكتاب. وتسعى إلى اكتساب الثقافات الفكرية وإحداث نقلة نوعية في العادات المعرفية، وخلق أفاقاً جديدة من التنوع والتبادل الفكري والثقافي والذي بدوره يشجع دور النشر على إنتاج وطباعة وترجمة مختلف الكتب والمراجع والمقالات. مما نتج وجود جيل كاتب وقارئ ومبدع في تنمية ذائقته الفكرية، وحريص على الاستفادة من التقدم التكنولوجي في تحقيق نقلة نوعية في نشر المعارف وتيسير الوصول لجميع أنواع الكتب.
وهذه السنة قامت الوزارة بإطلاق مبادرة تنظيم المعرض المتنقل، وهو عبارة عن معرض مصغر لمعرض الدوحة الدولي على مدى العام. يهدف لتوطين الكتاب في المؤسسات التعليمية والفعاليات الثقافية المهمة، وتشجيع دور النشر لعرض أحدث الإصدارات ونشر ثقافة القراءة. إلا أنني لم أجد المتعة والحماس في هذه المعارض المصغرة كتلك التي أجدها في معرض الدوحة الدولي.
القراءة وحدها هي التي تعطي الإنسان الواحد أكثر من حياه واحدة، لأنها تزيد هذه الحياة عمقاً، وإن كانت لاتطيلها بمقدار الحساب. -عباس العقاد.
فالكتب هي ثروة العالم المخزونة وأفضل إرث للأجيال والأمم. كلّما قرأت أكثر تعلّمت أكثر، وكلّما تعلّمت أكثر اكتشفت أماكن أكثر. بادر بالبحث عن اهتماماتك وميولك واقرأ كتاباً واحداً عنها. ستفاجأ بكمية المعلومات التي استفدتها، وستكون بداية التطوير لك. فالقراءة من أبسط وأنفع طرق التطوير الذاتي. قال المتنبي: "وخير جليس في الزمان كتاب" اجعل الكتاب صديقك الذي لا يتخلى عنك ويقف معك عند الحاجة. وتذكر أن أولى آيات القرآن المنزلة: ﴿أقرأ باسم ربك﴾، أي تدبَّر في ماخلقه الله، وتعرَّف على أسراره والسنن الكونية التي يعمل بها واكتشاف مكنوناته، وتابعت السورة ﴿إقرأ وربك الأكرم، الذي علم بالقلم، علم الإنسان مالم يعلم﴾، والتي أبرزت حقيقة وأهمية التعليم المستمد من تعاليم القرآن الكريم والسنة النبوية بما يحتويه من قصص الأمم والأديان وأحكام الشريعة وعلوم الحياة وغيرها. تعليم الله للإنسان (بالقلم) كان وما يزال أوسع وأعمق أدوات التعليم أثراً في حياة الإنسان.
أخر البيالة: أن تُولد محباً للقراءة؛ فذلك أسمى درجات الحظ، وأما أن تُكسب نفسك تلك العادة، فذلك أسمى درجات التطور. -ضياء الدين خليفة.
فدع الحياة تكتبك واتركها لتقرأك بعناية، و بعد هذا اقرأها بشكل جيد، ثم اقرأها بشكل جيد، ثم اقرأها بشكل جيد، ثم اكتب. -محمد الرطيان