Thursday, September 5, 2019

اكتشف العالم – فالحياة قصيرة



ستجد دائماً سبباً للسعادة عندما تمتلك روحاً جميلة، وعندما تمتلك نفساً راضية سترضى ولو بالقليل، هكذا هي القناعة فقط تأمل حياتك واقنع بما رزقت. عش حياتك فخوراً بنفسك، قوياً لأجلك، قنوعاً بقلبك. فالحياة لن تكون دائماً كما تريد.
جاءت العطلة الصيفية بعد شهور طويلة من الجد والاجتهاد وضغوط الحياة اليومية. فقررت السفر مع العائلة لكسر الروتين والترويح عن النفس والتجديد في العلاقات الأسرية. نعم لقد لبت إجازة تطلعات واحتياجات جميع أفراد العائلة باختلاف أعمارهم. فكم كانت رائعة! قضيناها في الراحة والاستجمام في ربوع المتنزهات والمناظر الطبيعيّة، وزيارة الأماكن الترفيهية والمعالم السياحية الشهيرة، وتجربة مأكولات مختلفة والقيام بأنشطة وفعاليات مفيدة وممتعة.
أعجبني قول الإمام الشافعي: "تغرّب عن الأوطانِ في طلبِ العُلا، وسافر ففي الأسفارِ خمسُ فوائدِ، تفرجُ همٍ، واكتسابُ معيشةٍ، وعلمٌ، وأدابٌ، وصحبةُ ماجد". سافر حيث شئت لوحدك أو مع من تحب، سترى أشياء كثيرة في العالم تغنيك علماً ومعرفة، وستفتح أمامك آفاقاً ابداعية لم تكن تخطر لك على بال، وستكشف لك مشاعر وأحاسيس دفينة لم تعلم بوجودها، وستمنحك طاقة إيجابية ونشاط لتعود ونزاول حياتك اليومية. وحيث أن فائدة السفر من بلدٍ إلى أخر لا تكتمل إلا إذا صاحبها انتقال النفس من شعورٍ إلى شعور أفضل، فإذا سافر معك الهم فأنت لم تسافر. فالحياة قصيرة والعالم واسع جداً، فكلما بدأت في اكتشافه أسرع كلما كان أفضل.أنت جزء ضئيل جدًا من هذا العالم، لكن العوالم التي بداخلك أكبر بكثير من هذا العالم

فالسفر ليس مجرد مشاهدة المعالم السياحية الشهيرة أو الاستجمام على شواطئ البحار والتمتع بمشاهدة مناظر طبيعية أو رحلة تسوق. إنه رحلة تقوم بها داخل نفسك، تهدف من خلالها إلى تجديد أو تغيير رؤيتك للحياة. إنه كسرٌ للروتين اليومي والتفاؤل لحياة أفضل. وإيجاد اهتمامات ومواهب وخبرات جديدة تُضاف إلى شخصيتك، يعلمك الاستقلالية في الاعتماد على النفس ويوطد علاقتك مع أسرتك وأصدقائك. "السفر يجعلُ من المرء شخصًا متواضِعاً، حيث تُدرِك كَم ضئيل المكان الذي تشغله من العالمِ". جوستاف فلوبير. فالحياة ليست بحثاً عن الذات، ولكنها رحلة لصنع الذات. اخلق من نفسك شيئاً يصعب تقليده.
فكل تذكرة سفر ماهي إلا ورقة يانصيب، تشتريها ولا تدري ماذا باعك القدر، حيث يمكن لرحلة أن تُثري حياتك، وتفتح لك الأبواب أو توصدها. تمدّك بالشّجاعة اللازمة للمغامرة والاختلاط مع شعوب ولغات مختلفة واكتشاف ثقافات جديدة. وتستخرجُ الإبداع الذي بداخلك مما يؤثِّر إيجاباً في شخصيّتك وعلاقتك مع أهلك وأصحابك وعطاءك لبلدك ومستقبلك. إن أعظم متعة تجنيها من السَّفر أنك تصبح قادراً على تجربة أشيائك اليومية كما لو أنك تجرِّبها للمرة الأولى بمنظور مختلف، تغامر في تجربة أشياء جديدة لم تفكر بتجربتها من قبل لتدخل في نفسك البهجة من أبسط تفاصيلها.
"متِّع ناظريك بما هو مدهش، وعِش حياتك كما لو كنت ستسقط ميتاً خلال 10 ثوانٍ. شاهد العالم، فهو أروع من أي شيءٍ رائع يُصنع أو يُدفع من أجل تصنيعه في المصانع.” راي برادبري


 
أخر البيالة: عندما نعيش لنسعد الآخرين، يرزقنا الله بآخرين ليسعدونا، فابحث عن العطاء لا الأخذ، فكلما أعطيت كلما أخذت دون أن تطلب. كن شيئاً جميلاً تأتي بعد ذكراه أجمل ابتسامه. فليس هناك أجمل من يخبرك أحدهم بأنك أحد أسباب سعادته.


مقالات ذات الصلة:

إجازة مفسدة- بقلم عبدرالحمن العبيدلي

No comments:

Post a Comment